من مدير العمليات التنفيذي لدينا: مسار جديد نحو المستقبل
لا يمكن لأي تحليل للقوى العالمية التي تؤثر بشكل كبير في المجتمع اليوم أن يتجاهل التأثير الدائم لجائحة كوفيد-19. فمنذ أكثر من عامين لتفشي الجائحة في ديسمبر 2019 ، لا تزال الجائحة تقلب العديد من جوانب حياتنا وتغير التصور التقليدي حول الكيفية التي يعمل بها العالم. ولكن في حين نستمر في مواجهة هذا التحدي في حياتنا المهنية والشخصية على حد سواء، فإن العالم يتعلم قيمة العمل بقدر أكبر من الذكاء — ويعيد تصور مسار جديد نحو المستقبل. لقد أصبحنا نقدر الكيفية التي يتعين بها على المجتمعات أن تجتمع معًا عبر الحدود لمواجهة أكثر التحديات إلحاحًا.
ولكن عندما يجد المجتمع والصناعات حلولاً جديدة، فهذا لا يعني أنه لا توجد تعقيدات ينبغي التغلب عليها. فهي أكثر انتشارًا من أي وقت مضى. ويعتمد التقدم على صناع التغيير — الأشخاص الذين يرون الفرص والحلول في خضم الأزمة.
إن أخصائيي المشاريع هم بطبيعة الحال صناع تغيير بالفطرة. ولطالما لجأت المؤسسات إلى مديري المشاريع والمتخصصين الذين يتمتعون بالمهارات اللازمة للمشاريع لمساعدتهم على تحويل الأفكار إلى واقع. ما يميز هذا المجتمع عن الآخرين هو تركيزه على التنفيذ — أي التعرف على كيفية صنع شيء ملموس من هدف جريء. وسوف تصبح مجموعة المهارات هذه لا غنى عنها في السنوات المقبلة مقارنة بأي وقت مضى، حيث يواجه العالم بعض التحديات الموضحة في تقرير الاتجاهات العالمية الضخمة هذا العام.
إن صناع التغيير اليوم لا يستطيعون العمل بمعزل عن التحديات العالمية. ولكي نكون قادة أكثر كفاءة وفعالية، لا بد من تطوير فهم واضح للمكان الذي يتجه إليه العالم، وما يعنيه هذا بالنسبة إلى المؤسسات، وأين يمكننا أن نقدم إسهامات. ولتلبية الحاجة إلى هذا السياق العالمي الواسع، يقدم معهد إدارة المشاريع (PMI) تقريره السنوي حول الاتجاهات الضخمة، حيث يقيم الاتجاهات طويلة الأجل وبيانات الأبحاث والصناعة من جميع أنحاء العالم — ويتميز بعرض وجهات نظر مباشرة من أخصائيي المشاريع الذين يقودون التغيير الآن.
إننا نشهد ظهور ستة اتجاهات ضخمة في عام 2022، وكلها قد تحمل تأثيرًا مستمرًا في كل من الأعمال والمجتمع — بدءًا من الاضطراب الرقمي ووصولاً إلى الحركات من أجل المساواة التي تعيد تشكيل كل ركن من أركان العالم.
ومع ذلك، فإن فهم الاتجاهات التي تؤثر في عالمنا ما هو إلا الخطوة الأولى للتغلب عليها أو احتوائها. إن مجتمعنا يتمتع بأكبر تأثير عندما نأخذ أفكارًا كبيرة ونبدأ في المهمة العصيبة المتمثلة في تنفيذها. وعلى هذا فليس من الكافي أن نفهم العواقب المترتبة على التحديات الكبرى مثل أزمة المناخ أو تزايد التفاوت الاقتصادي — بل سيكون على عاتق هذا المجتمع أيضًا المساعدة على إعادة تصور الحلول وإدارتها.
ويحدوني الأمل في أن يعمل تقرير هذا العام على توعية صناع التغيير والمؤسسات في مختلف أنحاء العالم وإلهامهم من أجل إحداث تأثير — ونحن نتطلع إلى مساعدتهم خلال مواصلتهم خوض الطريق نحو المستقبل.
مايك ديبريسكو
مدير العمليات التنفيذي في معهد إدارة المشاريع (PMI)
مقدمة عن الاتجاهات العالمية الضخمة لعام 2022
في عام 2021 تعلمنا أنه قد لا يكون هناك وضع طبيعي جديد، بل قد لا يكون هناك سوى وتيرة التغيير الدائمة والمتسارعة. وفي الوقت الذي يرصد فيه معهد إدارة المشاريع (PMI) بعناية الديناميكيات التكنولوجية والتحولات الديموغرافية وتعقيدات العولمة التي تعيد تشكيل عالمنا، تبرز ستة اتجاهات ضخمة قائمة على أساس تأثيرها وانعكاساتها على المشاريع في جميع أنحاء العالم:
1.الاضطراب الرقمي
2.أزمة المناخ
3.التحولات الديموغرافية
4.التحولات الاقتصادية
5.نقص العمالة
6.الحركات الأهلية والمدنية وحركات المساواة
في ظل مرض كوفيد-19 والتهديد المتمثل في الأوبئة في المستقبل، سنكون بحاجة إلى المزيد لمواجهة التحديات المتمثلة في أوجه القصور والتفاوت القديمة التي تم الكشف عنها، مثل التوزيع غير المتكافئ للقاحات والاضطرابات في سلسلة الإمداد. وحتى في الوقت الذي نسعى فيه إلى تحقيق التوازن في تفاعلاتنا مع العديد من العوالم التي نتنقل بينها — سواء كانت افتراضية أو مادية أو شخصية أو عامة — يجب أن نبتكر لصنع واقع جديد أفضل.
وفي حين أننا نتبنى الفوائد ونعترف بمخاطر العصر الرقمي الشامل، فإننا ندرك أيضًا أن الأشخاص لا يزالون هم المحرك الحقيقي للابتكار. ومع تصادم العوامل الديموغرافية والتهديدات الاقتصادية، فإن التكنولوجيا من الممكن أن تساعد على التخفيف من نقص العمال ودفع مبادرات الاستدامة، ولكنها لا تستطيع أن تحل محل الأشخاص أو العمل الفردي والتعاون. وحتى يؤدي الأشخاص عملهم على أفضل وجه ويبقوا في وظائفهم وينموا فيها، فهم يريدون أن يتم تقديرهم ورعايتهم وفهمهم ومعاملتهم على نحو منصف.
لمواجهة هذه التحديات، يحتاج أخصائيو المشاريع إلى ما هو أكثر من المهارات التقنية. حيث إنهم بحاجة إلى تبني عقلية إستراتيجية لمواءمة المشاريع مع أهداف مؤسستهم وفهم الكيفية التي ستؤثر بها النتائج في التقدم اليومي للأحداث العالمية وكيف ستتأثر بها. كما يتعين عليهم أيضًا تعزيز مهاراتهم في القيادة والسلطة، على سبيل المثال التواصل والتعاطف وتشجيع العقلية المبدعة ومساعدة الآخرين على فعل الشيء نفسه.
منذ نشر تقرير الاتجاهات الضخمة في العام الماضي، استطلع معهد إدارة المشاريع (PMI) آخر المعلومات من قادة الصناعة وأجرى أبحاثًا كمية ونوعية أولية وثانوية لمساعدتك على التعامل مع التيارات العالمية المتغيرة في عام 2022. فضلاً عن ذلك، فقد وجهنا الدعوة إلى الخبراء وقادة الفكر من مختلف أنحاء العالم لمشاركة أفكارهم لتوجيهنا وإلهامنا. ويجسد أخصائيو المشاريع وغيرهم من صناع التغيير الصفات المطلوبة لدعم التغيير الحقيقي والإيجابي والمساعدة على حل أكبر التحديات على مستوى العالم.
الاضطراب الرقمي
يكاد لا يوجد مجال من مجالات العمل يخلو من الدافع المستمر للتغير التكنولوجي. حتى قبل أن نعتاد على أحدث أداة تعاون أو جهاز منزلي ذكي، تتوفر تقنية جديدة تتضمن أحدث الميزات. وعلى الرغم من أن هذه الحلول يمكن أن توفر الوقت وتحسن الإنتاجية وتدعم الابتكار، فإنها يمكن أن تشكل أيضًا مخاطر، مثل انتهاكات البيانات وفقدان الخصوصية.
كان التحول الرقمي جاريًا قبل ظهور جائحة كوفيد-19 ، حيث أعادت العديد من المؤسسات تحديد نماذجها التجارية الأساسية لاكتساب ميزة تنافسية في سوق المنتجات والأفكار المتغيرة باستمرار. تم نشر تقنيات مثل الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء (IoT) واالذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين تجربة العملاء وتعزيز كفاءة الموظفين وتحسين نتائج المشاريع. وليس من التناقض أن نقول إن التحول أصبح الآن عملاً تجاريًا كالمعتاد.
تقرير ®Pulse of the Profession المفصل من معهد إدارة المشاريع (PMI)، الممارسات المقبلة: تعظيم فوائد التقنيات المسببة للاضطراب في المشاريع، أكد أن الغالبية العظمى من المبتكرين، الذين يتم تعريفهم على أنهم مؤسسات عالية الأداء تتبنى إستراتيجية ناضجة للتحول الرقمي، يشيرون إلى أن تبني التقنيات المسببة للاضطراب كان سببًا في دعم التحسن الكبير في تلبية أهداف العمل أو تجاوزها.
أدت الجائحة إلى تسريع وتيرة التوسع في التقنيات الرقمية بشكل كبير، ولا سيما الأدوات التي تتيح التعاون عبر الإنترنت والعمل عن بعد. وقد أخذ الاتجاه نحو العمل عن بعد في اكتساب السرعة، وساعد على ذلك التحول الرقمي وتحسن الاتصال. وأي حواجز أو تردد في تبني نموذج العمل عن بعد لم تعد مهمة مع تحول القدرة على العمل من المنزل إلى ضرورة لإنجاز الأعمال المعتادة. ومن المرجح أن يصبح هذا التحول راسخًا في المستقبل المنظور.
كما سارعت الشركات إلى طرح عروض رقمية جديدة في الأسواق. وفق شركة ماكنزي، فإن معدل تقديم الشركات لمنتجات وخدمات ذات طبيعة رقمية تقدَّم بمقدار ست سنوات في أمريكا الشمالية، وسبع سنوات في أوروبا، وأكثر من 10 سنوات في آسيا والمحيط الهادئ، وسبع سنوات على مستوى العالم. وتتفاوت النتائج بين القطاعات، مع حدوث أكبر الزيادات في الرعاية الصحية والأدوية والخدمات المالية والخدمات المهنية.
ستواصل المؤسسات الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لتعزيز مهارات مثل صنع القرار وإدارة المخاطر وتحليل البيانات وإدارة المعرفة. ولكن ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيثبت قدرته على الحلول محل الذكاء البشري وو قت حدوث ذلك هو موضوع محل كثير من النقاش والتكهنات.
في نوفمبر 2021، اقترح إيريك شميت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة ،Google وانضم إليه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر وعالم الكمبيوتر دانيال هوتنلوكر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن مسارنا المستقبلي لا ينبغي أن يتمثل في الإذعان للذكاء الاصطناعي أو مقاومته، ويحثنا بدلاً من ذلك على التركيز على "تشكيل الذكاء الاصطناعي بالقيم الإنسانية، بما في ذلك الكرامة والقوة الأخلاقية للبشر".
سوف تتطلب هذه المخاوف مزيدًا من التركيز مع تقدمنا في المستقبل الرقمي. ومن أجل دعم التطبيق الفعال للذكاء الاصطناعي، ستحتاج المؤسسات إلى الاستثمار في اكتساب متخصصي تكنولوجيا المعلومات والبيانات أو تدريبهم، ووضع إستراتيجية لإدارة البيانات والحفاظ على الشفافية.
إن جمع البيانات هو المادة الخام التي تغذي التوسع في التقنيات المسببة للاضطراب والتحول الرقمي المستمر. ويجب أن تكون حماية سرية البيانات وسلامتها وتوفرها جزءًا أساسيًا من أي استجابة لمبادرات الأعمال التي تركز على المستقبل.
ويتواصل في هذا التقرير استكشاف موضوع أخلاقيات البيانات، إلى جانب الأمن السيبراني وآثاره في مكان العمل الحديث. ويجب تناول كلا المجالين بدرجة عالية من الوعي والعناية إذا أردنا الا نتقال إلى مستقبل موثوق به ومبني على التقدم الرقمي.
الابتكار من أجل إحداث اضطراب: مقابلة مع إيد ماكورماك
يساعد إيد ماكورماك المؤسسات في جميع أنحاء العالم على التحول إلى العصر الرقمي.
تحدثنا إلى إيد ماكورماك، مستشار الاستعداد للاضطراب، عن مجموعة من القضايا الرقمية. وهنا، يشارك آراءه حول مشهد الاضطراب الرقمي.
يقول ماكورماك: "أعتقد أننا سنشهد في العام المقبل دفعة كبيرة في الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)". وحتى الصناعات التقليدية المرتبطة حاليًا بالموقع المادي، مثل أعمال السباكة، يمكن أن تضطرب بسبب الواقع المعزز. "الآن فجأة، بات بوسع المستهلك أن ينظر إلى أسفل الحوض بخريطة وإرشادات خاصة بالواقع المعزز. وقد تكون هناك شركة واحدة تعمل في مجال السباكة في الأرجنتين على سبيل المثال، وتتعامل مع احتياجات الجميع من السباكة. وحينها يحدث اضطراب كامل في الحاجة إلى السباكين الماديين".
ولكن التكنولوجيا ليست كافية إذا لم يعد نموذج الأعمال ملائمًا للغرض. ويوضح ماكورماك أنه لا يمكن للقادة أن يتوقعوا ببساطة "تزيين نموذج الأعمال القديم بأحدث التقنيات. فلن يكون هذا كافيًا". ويضيف قائلاً إنه "يتعين علينا أن نتجاوز نموذج المصنع القائم على العمليات الذي يرجع إلى العصر الصناعي لتحقيق الازدهار في هذا العصر المضطرب بشكل متزايد. إذا كنت تتمتع بالهيمنة اليوم، فهي مؤقتة في أفضل تقدير. ومن الأفضل لك أن تفكر في ابتكارك التالي".
في الوقت الحالي، يشعر ماكورماك بأنه لا يوجد تركيز كافٍ على المستقبل. ويقول "إن أصحاب العمل أكثر تركيزًا على إعادة إنشاء 2019. أعتقد أنهم يعودون إلى طرق العمل قبل الجائحة كنوع من اللجوء إلى منطقة الراحة. فهم يتمسكون بما هو مؤكد حيثما كان بوسعهم. ولكن هذا لن ينجح. فالاضطراب الذي يعقب الجائحة هو مجرد بداية".
أزمة المناخ
وقد أعلن زعماء العالم الذين حضروا مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ لعام 2021 (COP26) عن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة. ومع ذلك، كان التقدم في معالجة تغير المناخ بعيد المنال. وبالمضي قُدمًا، لا بد من دمج ممارسات الاستدامة في كل مشروع وعملية إذا أراد العالم إيقاف الآثار الأشد ضررًا المترتبة على الانحباس الحراري العالمي.
أدت هذه الجائحة إلى زيادة الوعي بتأثير البشر في البيئة وأثر التدهور البيئي في رفاهية البشر والاقتصاد العالمي. وقد التزمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتحييد أثر الكربون بحلول عام 2050 ، وتعهدت الصين بأن تحذو حذوها بحلول عام 2060 وكذلك الهند بحلول عام 2070. وأصبحت الآن أغلب مصادر الطاقة المتجددة أرخص من الوقود الأحفوري، وذلك بفضل الاستثمارات التي تمت على مدى العقد الماضي. وقد بدأت مشاريع لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؛ فعلى سبيل المثال يهدف المشروع الضخم AFR100 في أفريقيا إلى إعادة تشجير 247 مليون فدان عبر 10 بلدان بحلول عام 2030.
وحتى في ظل هذه الإجراءات، فإن الوضع يزداد سوءًا.
بعد تراجع مؤقت للانبعاثات بسبب "الإغلاق العام الكبير"، لم تظهر "أي علامة تشير إلى أننا نعود إلى وضع أكثر مراعاة للبيئة"، وذلك وفق ما ذكرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التي وجدت تركيزات متزايدة من غازات الدفيئة الرئيسية في عام 2020 والنصف الأول من عام 2021.
للمساعدة على عكس اتجاه هذا التيار، يتعين على الشركات أن تتحمل المزيد من المسؤولية. وقد حدد خُمس أكبر الشركات على مستوى العالم أهدافًا لصافي الانبعاثات الصفري. ويتعين على العديد من المؤسسات الأخرى أن تفعل الشيء نفسه وسوف تحتاج إلى توحيد قواها مع الحكومات والمؤسسات الأكاديمية وغيرها من المؤسسات. إن زيادة الاستثمار في مشاريع الاستدامة أمر ضروري، وخاصة في الصناعات التي تنتج القدر الأكبر من الانبعاثات، مثل إنتاج الطاقة والنقل. ولا تزال المليارات من الأطنان المترية من ثاني أكسيد الكربون بحاجة إلى إزالتها من الغلاف الجوي كل عام من خلال إعادة التشجير وغير ذلك من السبل — وهي عملية بالكاد بدأت.
تُعَد هذه الجهود معقدة وتشكل تحديًا في تنفيذها. يُظهر بحث معهد إدارة المشاريع (PMI) أن ما يقرب من 40 % من المؤسسات أبلغت عن حواجز رئيسية تحول دون تحسين التأثير الاجتماعي، حيث حقق 33 % فقط من المشاريع تحسينات للبيئة. ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى الافتقار إلى الموارد المالية والالتزام المؤسسي. ومن غير المرجح أن يتحقق مثل هذا الالتزام إلا إذا تم إشراك كبار المسؤولين وإدراكهم بوضوح أن تحسين قدرة الكوكب من شأنه أن يحسن من قدرة الأعمال. يمكن أن يؤدي تشجيع هذه العقلية وربط المشاريع بهدف إلى زيادة الاحتفاظ بها وتحسين الإنتاجية، ما يمهد الطريق لاتخاذ إجراء حقيقي.
من الممكن أن يساعد دور رئيس شؤون الاستدامة (CSO)، الذي شهد ارتفاعًا هائلاً في العقد الماضي، على تحقيق هذه الغاية. ومع ذلك، تحذر نيشيتا باليارسينغ، المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية لشركة Nexus Power في الهند، من أن هذا ليس حلاً سحريًا — فلا بد من بذل الجهود على المستوى الفردي، وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت لتغيير العقلية السائدة بين الأشخاص. وسيتطلب تضمين ممارسات الاستدامة في كل وظيفة وعملية وقرار عبر سلسلة القيمة تعاونًا عبر المؤسسات.
سيحتاج مديرو المشاريع إلى دمج أهداف الانبعاثات في مؤشرات الأداء الرئيسية، وتضمين إدارة الانبعاثات في طرق العمل، وإشراك جميع المعنيين في ممارسات الاستدامة. وبالإضافة إلى الموارد المالية والالتزام المؤسسي، يُعَد الحصول على المهارات المناسبة أحد المقومات الأساسية لتمكين التغيير.
ومما له أهمية بالغة أن تكون المؤسسات قادرة أيضًا على تقييم آثارها في مجال الطاقة وتكاليفها وتأثيرها؛ وإلا فلن تكون هناك شفافية أو مساءلة ولن تكون هناك وسيلة لتتبع التقدم. ولكن معرفة ما يجب قياسه وكيفية قياسه لم يتم توحيده بعد. هناك العديد من موفري التصنيفات والشهادات، والأطر المختلفة للمحاسبة غير المالية والمناقشات حول المقاييس التي يجب استخدامها. كما ستحتاج جهود الرقمنة إلى تكثيفها لفهم حقيقي لمستوى استخدام الموارد وإهدارها في كل عملية تجارية من خلال البيانات والتحليلات.
وعلى الجانب الآخر، يُعَد استخدام المتاح بديلاً أفضل من عدم القيام بأي شيء، وسوف يحتاج أخصائيو المشاريع إلى العمل بشكل وثيق مع فرق الاستدامة لتحديد أفضل الممارسات وخلق مسار نحو المستقبل. وتقدم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (UNSDGs)، بدعم من معهد إدارة المشاريع (PMI)، مخططًا أوليًا. فالهدف 12 ، على سبيل المثال، يحث على أنماط أكثر استدامة للاستهلاك والإنتاج من خلال إعادة تدوير النفايات الإلكترونية والمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وهي الإجراءات التي يمكن اتخاذها على كل من المستوى الفردي ومستوى الشركات.
إنشاء منتجات مستدامة: مقابلة مع نيشيتا باليارسينغ
نيشيتا باليارسينغ هي الرئيسة التنفيذية والمؤسسة المشاركة، مع شقيقتها نيكيتا، لشركة Nexus Power الناشئة في الهند. وهي من ضمن المكرمين في قائمة Future 50 التابعة لمعهد إدارة المشاريع (PMI) وتعمل على إنتاج بطارية سيارة كهربائية قابلة للتحلل الحيوي من النفايات الزراعية.
تشهد السيارات الكهربائية (EVs) اهتمامًا كبيرًا، لكن ثمة مخاوف تتعلق بأوقات الشحن وسلامة البطارية والتأثيرات البيئية لبطاريات الليثيوم أيون. وكانت لدى نيشيتا باليارسينغ وشقيقتها التوأم نيكيتا فكرة جريئة وهي إنشاء بطارية عالية الأداء وقابلة للتحلل الحيوي من مخلفات المحاصيل التي تعالج الانبعاثات الناتجة عن حرق بقايا المحاصيل، في حين تزود المزارعين أيضًا بدخل إضافي.
توضح باليارسينغ أن "مفهوم الاستدامة غير مفهوم بوضوح. ويرى كثيرون أنه يمثل "إنقاذ كوكب الأرض"، ولكنه في واقع الأمر يشكل الاستخدام الأمثل للموارد. ويتعين عليك أن تنظر إلى السلسلة بأكملها بدءًا من المواد الخام ومرورًا بالإنتاج حتى قناة البيع عندما تحاول إنشاء منتج مستدام".
وقد بدأ التقدم نحو الاستدامة على المستوى الفردي بمبادرات صغيرة مثل حمل حقائب قابلة لإعادة الاستخدام والعبوات القابلة لإعادة الملء لتقليل التغليف. وتقول باليارسينغ: "لقد شهدنا الكثير من التغيير خلال ال 10 سنوات الأخيرة، وينبغي لنا أن نتوقع رؤية المزيد في السنوات ال 10 المقبلة". وهي تستشهد بالإجراءات التي
اتخذتها مؤخرًا شركة Tata Group، وهي واحدة من أشهر الشركات في الهند، كدليل على أن الشركات الضخمة تبتعد عن النموذج المتعلق بالكامل بتحقيق أقصى ما يمكن من الربح. وهي تؤكد أن "الشركات عملت على تحسين بصمتها الكربونية بشكل كبير، وهي تنتقل إلى مساحة محايدة من حيث الكربون. وفي غضون السنوات ال 10 المقبلة قد تصبح هذه الشركات سلبية من حيث الأثر الكربوني. لذا لا يبدو الأمر وكأن الفعالية غير مرئية".
"ستكون التكنولوجيا أحد العوامل الرئيسية التي تغير مجريات الأمور من حيث الاستدامة. لقد فتحت الجائحة المجال حقًا للكثير من الأمور التي لم نكن نعتقد في وقت سابق أنه كان من الممكن فعلها افتراضيًا، مثل مؤتمرات الفيديو".
تقول باليارسينغ إن هناك حاجة كبيرة إلى مديري المشاريع لدفع جهود الاستدامة. "وسيكون مديرو المشاريع مطلوبين في كل مكان. فكل ما نقوم به اليوم يسمى مشروعًا — سواء كان مشروعًا ليوم واحد أو 10 أيام أو ستة أشهر – فسوف تحتاج إلى مديري المشاريع لضمان تنسيق العملية بالكامل. إن الفائدة التي يجلبها مديرو المشاريع لجهود الاستدامة تتلخص في إيجاد أفضل طريقة لإنجاز العمل".
التحولات الديموغرافية
ويتوقع تقرير فجوة المواهب الصادر عن معهد إدارة المشاريع (PMI) لعام 2021، الذي يتنبأ باتجاهات التوظيف في العقد المقبل، أن يحتاج الاقتصاد العالمي إلى 25 مليونًا من أخصائيي المشاريع بحلول عام 2030. ومع انخفاض معدلات الخصوبة وتزايد نسبة العاملين المتقدمين في السن خارج نطاق القوى العاملة، سوف يكون لزامًا على المؤسسات أن تعمل على إيجاد سبل جديدة لتخفيف النقص في العاملين وسد فجوة المواهب.
لقد سارعت الشركات إلى إدراك الفرص المتاحة لتلبية احتياجات كبار السن من السكان، وخاصة من خلال التكنولوجيا. فقد طورت شركة IBM، على سبيل المثال، بيئات منزلية ذكية تستفيد من إنترنت الأشياء والحوسبة الإدراكية لمتابعة الصحة والأنشطة اليومية. وتقدم شركة MyndVR حلولاً شاملة لمكافحة العزلة الاجتماعية بين كبار السن، كما تقدم مجموعة SWARCO لتكنولوجيا حركة المرور التي تتخذ من النمسا مقرًا لها تطبيقا ذكيًا لإشارات المرور يتكيف مع أنماط التنقل المتغيرة.
تشهد العديد من الاقتصادات المتقدمة ارتفاعًا في سن التقاعد الفعلي، وهو ما يؤثر في إعادة تصميم مساحات العمل لاستيعاب الموظفين الأكبر سنًا، والتوظيف، والسلامة البدنية والعقلية، وإدارة الأداء.
ومع ذلك، فإن العمل لسنوات أكثر لن يعوض الانخفاض العام في عدد السكان في سن العمل. ولن تزداد الحاجة إلى مديري المشاريع المحترفين وغيرهم من صانعي التغيير إلا مع زيادة تحول الصناعات إلى الاعتماد على المشاريع. وتتفاقم فجوة المواهب هذه بفعل قيود السفر المرتبطة بمرض كوفيد و الاستقالة الكبرى، وهي موجة الاستقالات التي بدأت أثناء الجائحة.
ومع إعادة الأشخاص النظر في التوازن بين العمل والحياة، وعلى الرغم من بقاء بعض الأجيال الأكبر سنًا في القوى العاملة، فإن المؤسسات سوف تسعى إلى جذب الموظفين الأصغر سنًا. ويتعين على مديري المشاريع أن يعملوا على تنمية المهارات القيادية اللازمة وأن يعملوا عن كثب مع مديري الموارد البشرية لتنفيذ سياسات منصفة وشاملة لدعم الموظفين من مختلف الأعمار.
تطوير الجيل القادم من القوى العاملة: مقابلة مع تاكيشى هاياما، حاصل على الدكتوراه وأخصائي إدارة مشاريع (PMP)
تاكيشى هاياما هو خبير إستراتيجي تقني في شركة NTT DATA ونائب رئيس فرع معهد إدارة المشاريع (PMI) في اليابان.
إن اليابان هي موطن للسكان الأكبر سنًا في العالم، وعلى الرغم من استعدادها البالغ لمواجهة التحديات التي يجلبها هذا الأمر، فإن العديد من المشكلات تظل قائمة. تحدثنا مع تاكيشى هاياما، الخبير الإستراتيجي التقني في شركة NTT DATA في طوكيو، للحصول على آرائه حول هذا الموضوع المهم.
وعلى الرغم من أن العديد من كبار السن يعملون بعد سن التقاعد، فإن الصناعات التي تتطلب درجة عالية من التخصص تواجه أزمة في المواهب حيث تبحث عن الجيل التالي من العمال. ويوضح هاياما أنه يجري استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات للتخفيف من النقص في العمالة الماهرة. "وتُستخدم تقنيات مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والطائرات من دون طيار للكشف المبكر عن العيوب وخفض تكاليف الإصلاح، خاصة في مجال صيانة البنية التحتية العامة".
ويقول هاياما إن العولمة وتطوير تكنولوجيا المعلومات قد استقطبا سوق العمل اليابانية في مهن تتطلب مهارات عالية وابتكارًا وأجورًا منخفضة. "لم يعد بوسع الشباب أن يعتمدوا على نظام التوظيف التقليدي في اليابان على مدى حياتهم أو على برامج إعادة التدريب التي تقدمها الشركات. ونتيجة لذلك، يتعين عليهم تحسين قدراتهم بشكل مستقل. وتلعب الرابطات المهنية، مثل معهد إدارة المشاريع (PMI)، والمؤسسات الصناعية، دورًا في دعم تطورهم".
لدعم تطوير مديري المشاريع الشباب، يعتقد هاياما أن هناك حاجة إلى التعليم الذي يعزز المهارات العملية. ويذكر هاياما أن "في اليابان، غالبًا ما تشكل إدارة المشروع أحد مكونات الوظيفة وليست مهنة، لذا فمن المفترض أن يكون مدير المشروع على دراية متقدمة بمجال العمل ولديه مهارات شخصية كافية. إن التكنولوجيا التعليمية تشكل أهمية بالغة بالنسبة إلى الشباب والمجتمع على حد سواء فيما يتعلق بالتعليم الفعال المستقل للتكيف مع التغيير".
التحولات الاقتصادية
أدت الضغوط التي أحدثتها الجائحة إلى اضطراب سلسلة الإمداد وإعادة النظر في العولمة. وهذه مشكلة معقدة. حيث تمثل إعادة بناء سلاسل الإمداد المحلية مهمة طويلة الأجل، كما أن انخفاض الأسعار الدائم ليس مؤكدًا. ومع ذلك، هناك إستراتيجيات يمكن تطبيقها للتخفيف من مخاطر سلسلة الإمداد العالمية وتسهيل التعاون عبر الحدود.
كشفت جائحة كوفيد-19 عن نقاط الضعف القديمة في سلسلة الإمداد، وخاصة الاعتماد المفرط على البائعين والموردين من مصدر واحد. وقد أدت نقاط الضعف هذه — بالإضافة إلى ارتفاع الطلب، ونقص العمالة، والظواهر الجوية وغيرها من العوامل — إلى تدمير قدرة الموانئ والشحن، ودفع تكاليف النقل إلى مستويات مرتفعة جديدة، وإحداث نقص هائل في السلع والمكونات، ورفع أسعار المستهلك وزيادة التضخم. ونتيجة لهذا فإن بعض البلدان تسعى إلى إعادة تشغيل الصناعات التحويلية الأساسية وتنويع سلاسل الإمداد ذات المصدر الواحد.
وبالنظر إلى المهارات الحالية ونقص العاملين، فثمة سؤال رئيسي هو: من أين ستأتي المواهب في البلدان التي تخلت عن قدرات التصنيع التقليدية؟ يُظهر بحث معهد إدارة المشاريع (PMI) أن قطاع التصنيع والبناء العالمي لديه واحدة من أكبر الفجوات بين الوظائف الحالية والمتوقعة في مجال التوظيف الموجه نحو إدارة المشروع (PMOE)، حيث يتوقع أن يكون معدل النمو في التوظيف الموجه نحو إدارة المشروع الذي يبلغ 13.2 % أعلى من المعدل الإجمالي للتوظيف في هذا القطاع. وسوف يحتاج التدريب إلى الوقت والاستثمار. وكذلك إعادة بناء سلاسل الإمداد المحلية. على سبيل المثال، يستغرق بناء مصنع لإنتاج أشباه الموصلات عدة سنوات ومليارات الدولارات. ويستغرق إنتاج بطارية السيارة الكهربائية (EV) وقتًا أطول لزيادته، كما هو الحال مع تحقيق الاكتفاء الذاتي في استخراج العناصر النادرة ومعالجتها وتحسينها.
لقد تعافت العولمة من الانتكاسات الحادة في الماضي ولا تزال عند مستويات عالية تاريخيًا. وقد وجد تحديث مؤشر الترابط العالمي الصادر عن شركة DHL لعام 2021، وهو مقياس لثقة الأعمال في الولايات المتحدة، أن الشركات حريصة على تعزيز وجودها الدولي. وعلاوة على ذلك، فقد ساعد الترابط الرقمي العالمي العديد من الشركات على الصمود في هذه الجائحة، ولكنه خاطر أيضًا بفتح فجوة رقمية، وهي إمكانية تخلف الدول الأفقر والأقل اتصالاً عن الركب. وخلص التقرير إلى أن العلاقات الأقوى من شأنها أن تعجل بانتعاش العالم.
من الممكن أيضًا أن تعمل إستراتيجيات سلسلة الإمداد الإقليمية، في إطار عالمي، على تحسين القدرة على الصمود في وجه الأحداث العالمية في حين تستفيد من التحولات الاقتصادية العالمية. ومؤخرًا وقع أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) وستة من الشركاء الإقليميين، بما في ذلك أستراليا والصين، ما قد يقال إنها أكبر اتفاقية للتجارة الحرة في التاريخ، وهي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP).
ويمكن لمديري المشاريع العثور على طرق لتسهيل المشاريع عبر الحدود من خلال التعاون عن بعد ومشاركة المعرفة. والواقع أننا لا نستطيع أن نمضي قُدمًا بمفردنا إذا أردنا إيجاد حلول لأكبر التحديات البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة على مستوى العالم. ومع إعادة معايرة العولمة، فثمة أمل في أن تظهر هذه العولمة بقدر أكبر من اللطف والسلاسة، مع وجود وعي اجتماعي أكبر في جوهرها.
إعادة بناء الصناعة المحلية: مقابلة مع ماركوس لوبيز ريجو، حاصل على الدكتوراه وأخصائي إدارة مشاريع (PMP)
ماركوس لوبيز ريجو هو أستاذ في كلية IAG للأعمال – الجامعة الكاثوليكية البابوية في ريو دي جانيرو (PUC-Rio) ومؤسسة Vargas (FGV) Fundação Getulio وباحث كبير في معهد بحوث البحرية البرازيلية.
يتساءل ريجو "هل ستؤدي الجائحة إلى انخفاض تنقل الأشخاص عبر الحدود على المدى البعيد؟ نعم، بالتأكيد نعم". "وسوف يكون الأمر أكثر حدة في المستقبل". ومن الناحية الإستراتيجية، كشفت جائحة كوفيد-19 عن شدة اعتماد العالم على الإمدادات والسلع الاستهلاكية من بعض البلدان.
ولمكافحة هذه الاعتمادية، يجب تنفيذ قرارات سياسية وإستراتيجية. ويقول ريجو إن "إدارة المشروع ستصبح قدرة أساسية لأن المشاريع سوف تكون أكثر أهمية".
"تتمثل المشكلة الرئيسية في الافتقار إلى الموارد اللازمة لتنفيذ هذه المهمة. وقد فُقدت القدرات المحلية في بعض الصناعات، لذا سيكون من الضروري بدء السياسات العامة في مجال التعليم والتدريب، وهي سياسات تستغرق وقتًا طويلاً ومكلفة وغير مؤكدة". ويعتقد ريجو أن تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات تُعَد أدوات واعدة، ولكن سوف يمر وقت طويل قبل أن تتمكن الاقتصادات الموجهة نحو الخدمات من التحول نحو الإنتاج المحلي للمكونات الحيوية.
يعتقد ريجو أيضًا أن الصناعات الموجهة نحو المعرفة والخدمات سوف تصبح أكثر ابتعادًا عن العولمة. ولكنه أضاف: "من المهم التأكد من توافق المشاريع المحلية مع الاتجاهات العالمية. وتُعَد مهارات إدارة المشروع والتواصل من الأمور الأساسية لتحقيق هذه الغاية".
نقص العمالة
ثمة نزوح جماعي للموظفين وفقدان للمعرفة المؤسسية يحدث في المؤسسات في مختلف أنحاء العالم — وهو ما يقلب الأوضاع في أماكن العمل على نحو لم نشهده أو نستعد له. وسوف يحدد رد فعل المؤسسات ما إذا كان هذا الاتجاه اتجاهًا طويل الأجل أم مجرد إعادة تنظيم.
على مدار العام الماضي، واجهت العديد من الشركات حسابًا مع ترك أعداد كبيرة من الموظفين لوظائفهم، ما أطلق حركة من النوع الذي أسماه أنتوني كلوتز الاستقالة الكبرى، وهو أستاذ في جامعة تكساس إيه آند إم التي تقع في تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية.
في يناير 2022 ، أعلن مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة أن 4.5 ملايين أمريكي تركوا وظائفهم في نوفمبر — وهو أعلى مستوى منذ بدأت الوكالة في تعقب هذه البيانات في عام 2000. وقد بلغ معدل الاستقالات 3% مرة أخرى، ليعود إلى مستوى عالٍ تم تسجيله أول مرة في سبتمبر 2021.
وقد وجدت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD)، التي تضم 38 بلدًا عضوًا، أن عدد الأشخاص الذين يعملون انخفض إلى 20 مليون شخص مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الجائحة مع توقع حدوث انتعاش بطيء. وأفادت دراسة استقصائية أجريت مؤخرًا لصالح مؤسسة بيرتلسمان أن 66 % من صناع القرار في الشركات في ألمانيا، صاحبة الاقتصاد الأضخم في أوروبا، قالوا إنهم يعانون حاليًا من نقص في العمالة الماهرة، بزيادة عن عام 2020. وفي أستراليا، قال 40 % من الموظفين إنهم يخططون للبحث عن وظيفة جديدة خلال الأشهر الستة المقبلة. وفي سنغافورة، قال 49 % من الموظفين الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية كجزء من مؤشر اتجاه العمل في مكان العمل في شركة Microsoft لعام 2021 إنهم يفكرون في ترك أصحاب عملهم هذا العام.
ويمكن إرجاع الفترة التي بدأت فيها هذه المعدلات المرتفعة من الاستقالة إلى بداية جائحة كوفيد-19 عندما تم تسريح ملايين الموظفين في مختلف أنحاء العالم أو إبعادهم عن العمل. وفي بعض البلدان، أتاحت إعانات البطالة وصناديق الإغاثة الحكومية للأفراد فرصة البقاء في منازلهم لأسباب صحية ورعاية أسرهم. ولكن حتى الآن، مع ارتفاع معدلات التلقيح وبدء المؤسسات في إعادة بيئات العمل إلى وضعها الطبيعي، ومع عرض المزيد من الشركات للمكافآت والحوافز للموظفين الجدد، فإن الملايين من الوظائف لا تزال شاغرة.
ويزداد هذا النقص التاريخي في العمالة تعقيدًا بسبب التهميش غير المتناسب للمرأة، وهي حالة تفاقمت بفعل عدم المساواة في أدوار مقدمي الرعاية والفرص. وفي بداية هذا الجائحة، كانت قطاعات القوى العاملة التي لديها وظائف تشغلها النساء بشكل أساسي، مثل قطاع الضيافة، أكثر عرضة للخطر. وفي أمريكا اللاتينية، وجدت الأبحاث أن الجائحة قد أدت إلى توقف التقدم الذي أحرزته المنطقة في السابق نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في القوى العاملة، حيث تركت 12 مليون امرأة القوى العاملة الإقليمية بسبب إلغاء الوظائف.
وحتى في الوقت الذي تسعى فيه الشركات بجد إلى الحصول على موظفين، فإن العديد من النساء يجدن صعوبة في استئناف مهنتهن أو البدء في مهن جديدة. وقد أعلن المركز الوطني لقانون المرأة (NWLC) أن مشاركة النساء في القوى العاملة لم تتجاوز 57.3 % في أكتوبر 2021، وهو أدنى معدل مشاركة منذ عام 1988. وتتجاوز معدلات البطالة بين النساء ذوات البشرة السمراء واللاتينيات الرقم بالنسبة إلى النساء عمومًا.
وقد تم إطلاق سراح الرغبة المكبوتة في السعي إلى الحصول على تجربة عمل أفضل وإلى مزيد من المرونة مع انحسار القيود التي فرضتها الجائحة. ويجعل هذا العامل الإضافي القيادة المؤسسية تتساءل عن كيفية الاحتفاظ بالموظفين لديهم مع جذب مواهب جديدة. ولكي يتسنى للقادة أن يجيبوا على هذا التساؤل، يتعين عليهم أن يكونوا على استعداد لمواجهة موجة الإحباط التي يشعر بها العديد من الموظفين بشأن التوازن بين العمل والحياة، وما يريدونه الآن من وظائفهم والمؤسسات التي يعملون من أجلها.
ومع الاحتياج إلى 25 مليونًا من أخصائيي المشاريع الجدد بحلول عام 2030، وفق تقرير فجوة المواهب لعام 2021 الصادر عن معهد إدارة المشاريع (PMI)، فإن نقص العمالة هذا لن يؤدي إلا إلى زيادة التحديات المتمثلة في تسليم مشاريع تلبي توقعات العملاء في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية. وفي المدى القريب على الأقل، قد تشهد العديد من المؤسسات نسبة كبيرة من التنقل وتأخيرات في الجدول الزمني مع مغادرة أعضاء الفريق والمعنيين على حد سواء للحصول على فرص جديدة. وإذا لم يتم متابعة الجودة والتحكم فيها عن كثب، فقد تنخفض مع تزايد العبء الذي يتحمله أعضاء الفريق المتبقون.
وعلى الرغم من أن الاستقالة الكبرى لم تؤثر في كل جزء من العالم أو في كل صناعة، فإن التهديد المتمثل في نقص العمالة والموظفين الساخطين يلوح في الأفق بشكل كبير. ستحتاج المؤسسات إلى إعادة بناء العلاقة بين صاحب العمل والموظف لإنشاء ثقافة ناجحة للاحتفاظ بالموظفين، مع المواءمة بين مبادرات الأثر الاجتماعي ذات الأهمية للعمال، وتوفير قدر أكبر من التقدير والمكافآت لإسهامات الموظفين. إنه تحول إلى عالم العمل الذي من المتوقع أن يدوم لعقود قادمة.
مساعدة النساء على المطالبة بالقيمة: مقابلة مع سوزان كولمان، دكتوراه في القانون، ماجستير في الإدارة العامة
سوزان كولمان هي مستشارة مقيمة في الولايات المتحدة لديها أكثر من 30 عامًا من الخبرة في تدريب ومساعدة عشرات الآلاف من الأشخاص حول العالم على ممارسة التفاوض والإستراتيجيات التعاونية لبناء أرضية مشتركة. وتركز اهتمامها الرئيسي الآن على تمكين المرأة من خلال التفاوض.
من وجهة نظر كولمان، حقيقة أن جائحة كوفيد-19 قد أجبرت ملايين النساء على ترك العمل تعزز بعض الحقائق حول مكانتهن في العالم. صرحت كولمان أنه "طالما أننا لسنا في القمة، وطالما أننا ندعم من يصل إلى القمة مستقبلاً، فالناس لا يمانعون ذلك. لكن إذا كانت لدينا بالفعل مساواة حقيقية بين الجنسين، فأعتقد أنه سيكون هناك الكثير من المقاومة. بالنسبة إلى النساء اللاتي يرغبن في أن يكنّ عاملات محترفات ويرغبن أيضًا في أن يصبحن أمهات، فإن رعاية الأطفال أمر أساسي، وإذا لم تتوفر إمكانية الوصول إلى رعاية أطفال جيدة، فستضطر النساء إلى ترك العمل".
"على الرغم من أن الأمور أصبحت أكثر صعوبة بالنسبة إلى النساء في مختلف أنحاء العالم منذ حدوث جائحة كوفيد، فلا أعتقد أننا نعود إلى الوراء. فقد كان اتجاه انضمام المرأة إلى القوى العاملة من أكبر التحولات في الحياة المؤسسية لفترة طويلة. وأننا، معشر النساء، نغير الأمور".
لقد وفر العمل عن بُعد المرونة، لكن كولمان تقول: "إننا في نقاش ضخم حول العالم، بشأن ما إذا كنا حقًا في هذا معًا أو ما إذا كنا سنختار الاستقطاب. إن أحد الخيارات الأساسية التي يتعين عليك اتخاذها عند التفاوض هو ما إذا كنت تقوم بالأمور بشكل تعاوني أو تنافسي. فالتعاون يحقق الفوز لكل الأطراف. بالنسبة إلى النساء، يتعلق الأمر ببناء وعينا بمجموعة المهارات وكيفية زيادة قدرتنا على التفاوض. مع التفاوض، يدور قدر كبير من الأمر حول المطالبة بالقيمة، وتلقي القيمة، وأن يُطلب منك ما تريد".
الحركات الأهلية والمدنية وحركات المساواة
على الرغم من القيود المستمرة بسبب جائحة كوفيد-19، استمرت الاحتجاجات الاجتماعية في الخروج إلى الشوارع في عام 2021. نتوقع أن تستمر هذه الاحتجاجات حيث تسهم التأثيرات الاقتصادية وأوجه عدم المساواة المتزايدة بفعل الجائحة في تعزيز العوامل المحركة للاضطرابات الاجتماعية. لكننا سنشهد على نحو متزايد أيضًا تحول قاعات مجالس الإدارة وأجنحة المكاتب ومواقع المشاريع إلى بيئات للتغيير والتعاون الحقيقيين استجابة للحركات المدنية والوطنية والمطالبة بالمساواة.
على الرغم من قيام المؤسسات بزيادة جهود التنوع والإنصاف والاندماج (DE&I)، فقد كان من الصعب جعلها فعالة بسبب التغيرات الشاملة المطلوبة. ومن المؤكد أن تعيين كبار مسؤولي التنوع (CDO) — الذي زاد خلال السنوات الخمس الماضية وشهد زيادة كبيرة في عام 2020 — سيساعد على تحقيق ذلك. ستكون الحاجة إلى تخفيف آثار نقص العمالة حافزًا قويًا للشركات لبناء ثقافات أكثر شمولاً. في الوقت نفسه، كانت آثار الجائحة أشد وطأة على المجتمعات متعددة العرق، وكانت الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأشد تضررًا على الصعيد العالمي.
على الرغم من أن العديد من الدراسات الحديثة قد أظهرت مدى أهمية التنوع والإنصاف والاندماج لنجاح الأعمال التجارية، فلا تزال النساء والأقليات العرقية يتقاضون أجورًا متدنية ويعانون من نقص في التمثيل على الصعيد المؤسسي. توضح دراسة حديثة أجراها معهد McKinsey دراسة الأعمال الخاصة بالتنوع في الفرق التنفيذية، حيث تزيد احتمالية تحقيق الشركات في الربع الأعلى للتنوع بين الجنسين ربحًا أعلى من المتوسط بنسبة 25 % مقارنة بالشركات في الربع الرابع. بل إن احتمالية التفوق في الأداء أعلى بالنسبة إلى التنوع العرقي.
من دون "الإنصاف" و"الاندماج"، لا يوجد "تنوع". يجب أن يستوعب التنوع أبعادًا عديدة، ويعني الإنصاف والاندماج الحقيقيان تهيئة الظروف التي تمنح الجميع الفرصة نفسها للإسهام والنمو والازدهار. كشفت دراسة حديثة في المملكة المتحدة أن 16% فقط من الموظفين ذوي الإعاقة قالوا إنهم يشعرون بالاندماج في
العمل مقارنة بنسبة 25 % من زملائهم. على الرغم من أن العديد من شركات قائمة Fortune 500 لديها سياسات شمول للموظفين المنتمين إلى مجتمع ،LGBTQ فإن معظم الدول لا توفر حماية قانونية. تشير تقارير Catalyst إلى أن "الخوف يمنع موظفي مجتمع LGBTQ من أن يقدموا كل ما لديهم في العمل".
على الرغم من التحديات، فقد كان العمل عن بُعد بمنزلة عامل مساواة رائع للأشخاص المعرضين للتحيز في مكان العمل. لا يرغب عدد كبير من النساء ذوات البشرة الملونة في العودة إلى المكتب، وذلك وفق مقال نُشر مؤخرًا في صحيفة The New York Times. لقد خفف العمل عن بُعد من الضغط الناجم عن العمل في أماكن العمل التي تتميز بهيمنة البيض، وقلل من التعرض لحالات الاعتداء المصغر والتمييز. وجد استطلاع ل Future Forum في عام 2021 شمل أكثر من 10000 عامل من أصحاب المهارة المعرفية في الولايات المتحدة وأستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة أن الرجال السود ذكروا أنهم تمتعوا بتجربة أفضل كموظفين في أثناء العمل من المنزل.
يتمثل أحد التحديات الخاصة في تضمين التنوع والإنصاف والاندماج في كل وظيفة وعملية وقرار عبر سلسلة القيمة. يتوقع معهد إدارة المشاريع (PMI) أن تتضمن الممارسات الرئيسية إشراك الموظفين في وضع السياسات وتحديد الأهداف، ودمج التنوع والإنصاف والاندماج في التدريب وإنشاء مجموعات موارد الموظفين. تستخدم المؤسسات ذات الرؤية المستقبلة أدوات ذكاء اصطناعي قوية لتوظيف مواهب متنوعة، وتقيم شراكات مع مجموعات تعزز التنوع والوصول إلى الشباب. سيكون تطبيق نهج قائم على البيانات لقياس التقدم والإبلاغ عنه من عوامل النجاح الحاسمة.
بشكل عام، تسمح الثقافة التي تتبنى وجهات نظر مختلفة بالتفكير الإبداعي والقدرة على التكيف وتؤدي إلى تحسين نتائج الأعمال.
إن كبار مسؤولي التنوع أمامهم مهمة صعبة. فمسألة التنوع والإنصاف والاندماج ليست قضية يمكن معالجتها بإصدار بعض البيانات النمطية والتحدث من الناحية القانونية وناحية الامتثال. بل تتطلب أن يكون المرء على حقيقته وأن يتمتع بالشفافية. وتتطلب تخلي الجميع عن حذرهم والتعبير عن شعورهم بعدم الارتياح والضعف والاستعداد لمشاركة المشاعر في أكثر حالاتها نقاء — سواء كانت حزنًا أو غضبًا أو إحباطًا أو خوفًا — وذلك لأن علاقات العمل الحقيقية، في جوهرها، تبدأ وتنتهي بالصلات الإنسانية الحقيقية.
قيادة مبادرات التنوع والإنصاف والاندماج: مقابلة مع إينوسنتيا ماهلانغو، مهندسة محترفة، ماجستير في العلوم، أخصائية إدارة المشاريع
كرست إينوسنتيا ماهلانغو نفسها لقيادة مبادرات التنوع والإنصاف والاندماج. وهي كبيرة مهندسين ومديرة مشاريع في مجموعة Project Delivery Group في Hatch في جنوب أفريقيا. حصلت ماهلانغو على تكريم قائمة Future 50 التابعة لمعهد إدارة المشاريع، كما أسست SHEngineers ، وهي شبكة توجيه افتراضية غير ربحية للنساء في مجال الهندسة.
لاحظت ماهلانغو، في وقت مبكر من حياتها المهنية، أنها غالبًا ما تكون المرأة الوحيدة في الغرفة. تشرح قائلة: "أعمل في قطاعات يهيمن عليها الذكور إلى حد كبير: الهندسة، والبناء، وإدارة المشاريع، والتكنولوجيا".
من بين الأشخاص المؤهلين مؤخرًا كمرشحين للوظائف في مجال الهندسة، هناك ما يزيد قليلاً عن 50 % من النساء، ولكن من بين المهنيين المسجلين، ثمة 12 % فقط من النساء وفق المجلس الهندسي لجنوب أفريقيا. تقول ماهلانغو: "نحاول جذب النساء إلى الصناعة، لكن إبقاءهن فيها يشكل مشكلة كبيرة، ولدينا ما يسميه كثيرون خط الأنابيب الراشح حيث نخسر النساء في مراحل مختلفة من التنمية". "هذا يخبرنا بأنه في مرحلة ما بين أن تصبح مهنيًا مسجلاً وفئة المرشح، لا تتمكن النساء من النجاح، وهذا يؤكد حقًا على حجم المشكلة".
تكمن المشكلة من وجهة نظر ماهلانغو في أن: "المؤسسات غير ملتزمة حقًا بالتنوع والإنصاف والاندماج وثمة عدم اتساق بين الإستراتيجيات المؤسسية. حيث ينظر بعضها إلى هذا الأمر على أنه إضافة إلى طريقة عملها العادية. فهي لم تتبنها كمنطقة أساسية، ومن ثَم فإنها لا تعمل على دفعها من أعلى مستويات المؤسسة، بل إن بعضها لا يملك حتى أهدافًا إستراتيجية طويلة المدى أو نتائج قابلة للقياس".
لكن ماهلانغو تصر على أن التنوع يجب أن يتجاوز زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة. "ثمة اعتقاد خاطئ أن التنوع يشير إلى الجنس فقط، وفي كثير من الأحيان لا يدرك القادة أننا عندما نتحدث عن التنوع، فإننا نشير إلى مجموعة واسعة من الفئات ونريد أن تكون صناعاتنا وأماكن العمل لدينا متنوعة وشاملة، وأن تقدّر تميز الأشخاص — الأشخاص الذين ينتمون إلى ثقافات مختلفة، وأعمار مختلفة، ويتحدثون لغات مختلفة، ولديهم قدرات مختلفة وصفات مميزة أخرى. أعتقد أنه عندما نتبنى جميع أشكال التنوع بشكل كامل، فإننا نحقق التنوع الفكري الذي يؤدي إلى تحقيق نجاح تجاري أكبر ونجاح مشاريع أكبر أيضًا".
توجيه النساء في مجال التكنولوجيا: مقابلة مع جوليسا ماتيو أباد
جوليسا ماتيو هي مؤسسة مجتمع للنساء في مجال التكنولوجيا (MujeresTICsRD@) في جمهورية الدومينيكان. حصلت ماتيو على تكريم قائمة Future 50 التابعة لمعهد إدارة المشاريع لزيادة دور النساء في مجال التكنولوجيا.
في أثناء حضور الأحداث التقنية بصفتها مهندسة في تكنولوجيا المعلومات والتواصل، اعتقد الآخرون أن ماتيو كانت صديقة أحد الرجال الحاضرين. "ذات يوم سمعت شيئًا لم أكن متأكدة من صحته، فرفعت يدي وطلبت من المتحدث شرحه مرة أخرى. تواصل معي أحد المتحدثين في وقت لاحق وقال: "لم لا تلقين كلمة لدينا وتشاركين اهتمامك مع نساء أخريات لأنك تحبين هذه الأحداث حقًا، لذا ربما ستحبها المزيد من النساء أيضًا".
وكانت هذه الخطوة الأولى نحو MujeresTICsRD@، وهو مجتمع من النساء في مجالات التكنولوجيا اللاتي يوجهن بعضهن ويتواصلن ويدعمن التطور المهني لبعضهن. بدأت المؤسسة في جمهورية الدومينيكان وهي الآن تتوسع إلى بوليفيا وغواتيمالا. وتوضح ماتيو قائلة: "نحاول الحصول على قدر أكبر من التمثيل الذي أعتقد أن العالم يحتاج إليه".
تعمل ماتيو وزملاؤها مع المؤسسات لمساعدتها على فهم معنى التنوع والإنصاف والاندماج (DE&I) وقيمتها. "تحاول الشركات ضم الأشخاص إليها لمجرد الحصول على أرقام — لتتمكن من التصريح، مثلاً، بأن لديها ثلاث نساء، وأربعة رجال، وشخصًا أسود"، هكذا تصف ماتيو المعوقات. "لكن في الواقع، عندما نحاول القول إننا متنوعون، فإننا نحاول تحقيق المساواة — عندما نفهم سلوك الأشخاص، والطريقة التي يتصرفون بها، وكيف يشكل ذلك جزءًا من ثقافتهم — فهذا كله جزء منهم.
"في بعض الأحيان، نحن كنساء لا نؤمن بالنساء الأخريات اللاتي يؤدين العمل لأننا لم نر قط نساء مثلنا يفعلن ذلك من قبل. لهذا السبب نحاول توفير موجهين. وحتى إذا كانت نقطة بدايتك من الصفر، حيث أؤكد لك أنني بدأت من 20 تحت الصفر، فيمكنك النمو لتصلي إلى المكانة التي تريدين أن تكوني فيها تمامًا. أنت بحاجة إلى وجود أشخاص من حولك يفهمون رؤيتك أيضًا".
تقول ماتيو إن الاندماج يعزز أيضًا تجربة العميل: "أحاول التأكد من أن شركات التكنولوجيا تدرك قيمة التنوع والإنصاف والاندماج لأننا نعمل على إنشاء التكنولوجيا للمستقبل. وإذا لم نأخذ الأشخاص الذين سيستخدمون هذه التكنولوجيا في الحسبان، فسينتهي بنا المطاف إلى إنشاء تكنولوجيا لا تناسبنا، وهذا أمر علينا التخلص منه".
الخاتمة
هذا عام للبدء من جديد والعزم على المضي قدمًا ومواجهة التحديات التي تفرضها الاتجاهات العالمية الضخمة في عام 2022. لقد كان العامان الماضيان بمنزلة تصفية حساب لفشلنا في مواجهة المشكلات وتصميم الحلول وتنفيذها. ولكن ثمة فرصة لإعادة تصور المسار المستقبلي — مسار يتميز بمراعاة أكبر للبيئة ويكون أكثر إنصافًا، ويتم توزيع المنافع فيه على نطاق أوسع.
يجب أن نكون أكثر وعيًا بالأهداف التي نضعها، والأساليب التي نستخدمها للوصول إليها، وكيفية تأثير النتائج في جميع الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
بالنسبة إلى أخصائيي المشاريع، يعني ذلك الاعتماد على مجموعة أدوات كاملة من القدرات. يستخدم صنّاع التغيير طرقًا جديدة للعمل، بما في ذلك مهارات الذكاء التكنولوجي ومهارات إدارة المشاريع التقنية، فضلاً عن مهارات القوة مثل التواصل والتعاطف. ويتعين عليهم فهم سياق مشاريعهم داخل البيئة الكلية والأهداف الإستراتيجية لمؤسستهم. كما يتعين عليهم زيادة قدراتهم على الابتكار والتفكير الإبداعي — وقدرات كل من حولهم — للتكيف مع الظروف الاستثنائية وإيجاد حلول استثنائية. وبالقيام بذلك، يصبح بوسعنا تحويل الأفكار إلى واقع وحل المشكلات الأكثر إلحاحًا في العالم.
تفضل بزيارة الاتجاهات العالمية الضخمة في عام 2022 للاطلاع على المزيد حول هذه الاتجاهات ومشاهدة مقابلات الفيديو مع الخبراء وقادة الفكر.
المراجع
.Accenture. (n.d.). Who we are is how we'll grow
.Altman, S. A., & Bastian, C. R. (2021). DHL global connectedness index 2021 update. DHL
.Catalyst. (2021, June 1). Lesbian, gay, bisexual, and transgender workplace issues (quick take)
.DETV.us. (2021, November 4). It is getting worse and worse: The end is not in sight if there is a shortage of skilled workers. DETV.us
.Employment Hero. (2021, October 29). 25 HR trends to watch out for in 2022
.Future Forum. (2021, October). Future Forum Pulse: The great executive-employee disconnect
Hendershot, S. (2020, May 1). Trees of life: Reforestation projects won't take root unless teams carefully identify risks and groom local stakeholders. Project Management Institute.
International Labour Organization (ILO). (2021, March 8). 13 million women in Latin America and the Caribbean saw their jobs disappear due to the COVID-19 pandemic. [Press release].
.International Renewable Energy Agency (IRENA). (2021, June 22). Majority of new renewables undercut cheapest fossil fuel on cost [Press release]
.Kissinger, H., Schmidt, E., & Huttenlocher, D. (2021, November 1). The challenge of being human in the age of AI. The Wall Street Journal
.McKinsey & Company. (2020, May 19). Diversity wins: How inclusion matters
.McKinsey & Company. (2020, September 27). Women in the workplace 2021
.McKinsey & Company. (2020, October 5). How COVID-19 has pushed companies over the technology tipping point—and transformed business forever
.Microsoft. (2021, May 18). Microsoft work trend index: 49 percent of Singapore workers are considering leaving their employer this year
.Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD). (2019). OECD employment outlook 2019: The future of work
Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD). (2020). Digital transformation in the age of COVID-19: Building resilience and bridging divides.
Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD). (2021). Employment Outlook 2021: A once-in-a-lifetime opportunity to build a better world of work.
Project Management Institute (PMI). (2018). PMI Pulse of the Profession® in-depth report: Next practices: Maximizing the benefits of disruptive technologies on projects.
Project Management Institute (PMI). (2020). PMI Pulse of the Profession® in-depth report: Why social impact matters: Delivering meaningful change through projects.
.Project Management Institute (PMI). (2021). Mainstream artificial intelligence. Megatrends 2021
.Project Management Institute (PMI). (2021). Megatrends 2021
.Project Management Institute (PMI). (2021, June). Talent gap: Ten-year employment trends, costs, and global implications
Regional Comprehensive Economic Partnership (RCEP). (2021, December 14). Regional comprehensive economic partnership (RCEP) agreement to enter into force on 1 January 2022.
Tucker, J. (2021, November). Women gained 57% of jobs added to the economy in October but still need almost 8 months of growth at October's level to recover pandemic losses. National Women's Law Center (NWLC).
.Tulshyan, R. (2021, June 23). Return to office? Some women of color aren't ready. The New York Times
.United Nations. (2021, October 31–November 12). 26th UN climate change conference of the parties (COP26)
.United Nations. Department of Economic and Social Affairs. Sustainable Development. (n.d.). The 17 goals
.U.S. Bureau of Labor Statistics. (2022, January 4). Job openings and labor turnover summary. [Press release]
.World Meteorological Organization. (2021, September 16). Climate change and impacts accelerate [Press release]